Logo 2 Image




مرصد الزلازل

الزلزال القادم ، متى؟ وأين؟

 

بين حين وآخر تطالعنا وكالات الأنباء بخبر وقوع زلزال في مكان ما على سطح كوكبنا الأرضي، تتراوح قوته بين ذبذبات وديعة لا تكاد تثير انتباه أغلب الناس، وكوارث ضارية تفترس بين أنيابها المرعبة عشرات وربما مئات الألوف من البشر، وهو الأمر الذي فرض على عقول العامة والعلماء على حد سواء، هواجس زلزالية مخيفة جعلت الناس ـ في كل مكان ـ يشعرون بأنه ليس هناك موضع على ظهر أرضنا في منجاة من هذه الظاهرة المدمرة، وبالطبع ليست منطقتنا ـ الشرق أوسطية ـ استثناء من هذه القاعدة.

ولأن الجهل قرين الخوف، سيظل الإنسان يواصل بحثه حول ظاهرة الزلازل، ليبدد أشباح مخاوفه المتعاظمة إزاءها، محاولا استنباط قوانينها متلمسا السبل لتقليص حجم مخاطرها بما أنه لم ولن يستطيع منعها وكبح جماحها مهما أوتي من قوة ، لعدم علمه بمكانها وزمانها وقوتها أولاً ومحدودية قدرته مهما عظمت ثانيا.

يعرف الزلزال بأنه ارتعاش وتحرك وتموّج عنيف في صخور القشرة الأرضية بسبب تحرر الطاقة المختزنة في صخورها نتيجة للنشاط التكتوني وما يحدثه من إزاحات عمودية وافقية بين صخورها عبر الصدوع بفعل الضغوطات المستمرة عليها، والغالبية العظمى من الزلازل تحدث على حدود الصفائح على اختلاف نوع حركة هذه الصفائح سواء كانت تصادمية أو انزلاقية (تماسية) أو تباعدية، ونحن هنا بالأردن لا يمكننا تجاهل المخاطر التي تنجم عن هذه الزلازل خاصة وأننا نقع على الجزء الشمالي الغربي للصفيحة العربية التي تتحرك حركة إنزلاقية بمحاذاة صفيحة سيناء ـ فلسطين حيث يتصف النشاط الزلزالي على الحدود الغربية لهذه الصفيحة بالإعتدال، وكما تشير السجلات الزلزالية التاريخية فإن الأردن والمناطق المجاورة تعرض عبر القرون الماضية إلى العديد من الزلازل التي تزيد قوتها عن 6 درجات حسب مقياس ريختر بل أنه وصل الى 7 درجات ـ حسب بعض السجلات التاريخية ـ وتعداها بقليل.

مرصد الزلازل الاردني:

يقوم مرصد الزلازل الأردني كغيره من مراصد الزلازل العالمية برصد الأحداث الزلزالية على مدار الساعة، ليست تلك التي تحدث داخل الأردن والمناطق المجاورة فحسب بل يتعدى ذلك الى رصد وتحليل وتوثيق أي حدث زلزالي تصل أمواجه الى المحطات الاردنية الموزعة على كافة انحاء مملكتنا الحبيبة إذ تقوم برصد أية حركة أرضية وتبثها عبر الأقمار الصناعية مباشرة الى المرصد ـ المركز الرئيسي في وزارة الطاقة والثروة المعدنية في عمان، ليقوم الفريق المناوب المختص بتحليل هذه الأحداث الزلزالية وكتابة التقارير الخاصة بتلك الزلازل ورفعها الى الإدارة العليا التي تقوم بدورها بإعلام المسؤولين بالمعلومات الزلزالية لهذه الزلازل مثل: وقت الحدوث، الموقع، العمق ،القوة ومعلومات زلزالية أخرى للمختصين أولاً بأول، هذا بالإضافة الى وجود أكثر من 20 محطة لرصد الحركة القوية موزعة في معظم المدن الرئيسية والمناطق والمنشآت الاستراتيجية في المملكة حيث تقوم بتسجيل النشاط الزلزالي القوي ومن ثم نقوم بتحليله واستخراج النتائج لاحقا ليستفيد منها المختصون في مجال تطوير كودة البناء الاردني ليكون مقاوم لأفعال الزلازل انطلاقا من المقولة المشهورة التي تقول "ان الزلازل لا تقتل الناس وانما المباني هي التي تفعل ذلك"! إذ على الرغم من الطاقة الهائلة التي ينشرها الزلزال ومن الدمار والكوارث التي يحدثها في كل مكان يمر به، إلا أن امكانية تخفيف الأضرار الناجمة عنه والحد من اخطاره اصبحت اليوم حقيقة واقعة وذلك من خلال الاستفادة من التجارب والأبحاث التي قام بها العديد من العلماء والباحثين وتطبيق التوصيات والمقترحات التي توصلوا اليها اثناء دراسة مصادر الخطر الزلزالي القريبة من المنشآت والتجمعات السكنية وتحديد خصائصه، واختيار التصميم الانشائي المناسب لمقاومة تأثير القوى الزلزالية المناسبة في عناصر المنشأ كلها ، كما يمكن لهؤلاء المختصين الاستفادة من الدراسات التي تجريها شعبة الدراسات الزلزالية في المرصد ميدانيا لقياس التردد السائد لمعظم مناطق المملكة بهدف رسم خارطة الخطورة الزلزالية للمملكة.


التنبؤ بالزلازل:

يخطئ كثيرا من يقول بأن الزلزال الكبير قادم ويخطئ أكثر من ينفي ذلك والسبب هو أن العلم والعالم وحتى هذه اللحظة يقف عاجزا عن التنبؤ بالزلازل وإن صدقت نبوءة علماء الصين والمكسيك واليابان مرة واحدة فقد جافاها الصدق آلاف المرات وذلك لأن ظروف تكوين الزلزال شديدة التعقيد وكثير منها تجري في أعماق الأرض السحيقة ويصعب رصدها وتتبعها، كما يصعب تحليلها وإعطاء صورة واضحة عنها لاصدار الانذار في الوقت المناسب، فإن تنبأ العلماء بالمكان، ماذا عن الزمان والقوة؟ وان تنبأوا بالزمان ماذا عن المكان والقوة؟ كما وأن الدراسات الاحصائية التي تتحدث عن دورة النشاط الزلزالي كانت وما زالت تتحدث عن الاحتمالية في الحدوث، فالأجدى من ذلك معرفة السبل والطرق والوسائل التي بواسطتها نستطيع التفليل من الخسائر البشرية التي قد يسببها الزلزال إذا أصاب منطقتنا لا سمح الله ويكون ذلك بالالتزام بكودة البناء المقاوم لأفعال الزلازل والتي يعكف المختصون الآن على وضع اللمسات الأخيرة عليها وكذلك الالتزام بتعليمات أجهزة الدفاع المدني العام الذي يقوم وباستمرار ببث برامج التوعية والتثقيف من خلال وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة ويعقد الدورات لأفراده ويوفدهم الى الدول التي تشهد زلازل مدمرة لإكسابهم الخبرة في التعامل مع مثل هذه الكوارث ان حصلت عندنا في الأردن لا سمح الله وقدّر.

وأخيرا كلمة نوجهها لجميع أبناء هذا الوطن الغالي على اختلاف مستوياتهم العلمية والثقافية والاجتماعية ألا وهي ضرورة الابتعاد قدر الإمكان عن الشائعات التي تنتشر انتشار النار بالهشيم في مثل هذه الحالات واللجوء فقط الى إعلامنا الرسمي كمصدر للمعلومة الصادقة الصريحة التي تتميز بالشفافية العالية فهو يستقي الخبر من مصادره الرسمية دون تحريف أو تشويه أو تغريض لأن انتماءه وولاءه كان وما زال وسيبقى لهذا الوطن الغالي ولقيادة هذا الوطن التي تصل الليل بالنهار من أجل رفعة وبناء وسلامة ورقي الوطن والمواطن. حمى الله الأردن وحفظ الله مليكنا المفدى جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ولتكن سلامة الوطن والمواطن أولاً.

كيف تقيم محتوى الصفحة؟